سؤالك فيه مواضيع كثيرة متراكبة وسأحاول تفكيكها مناقشة كل جانب على حدة. أولا الخيال طبيعي أننا نحب الخيال ونلجأ له خاصة في وقت الأزمات، وبديهي أن يكون جميلا لأننا نتخيل لأنفسنا كل ما هو جميل ورغد ومسالم. في المقابل، لا يمكن أن نكتفي بالخيال؛ فالواقع يفرض نفسه علينا في كل لحظة من حياتنا. لهذا، يجب أن يكون الخيال دافعاً ومحفزاً لنحوله إلى واقع نحياه بدلاً عن صورة جميلة ننغمس فيها لحظات أو دقائق ثم نعود لنخرج لواقعٍ لا نقبله ولا نحاول تغييره. ثانيا التجارب السابقة الناس ليسوا سواسية. ربما كانت تجاربك مع أخوتك سيئة، لكن لا يجوز التعميم على كل الرجال. حاولي معرفة وجهات نظر أخوتك عندما بددوا ثقتك فيهم وحبك لهم. ربما أصابوا في قرارهم هذا لمنفعة أكبر أو تجنبا لضرر يرونه ولا تعرفينه. كذلك اسألي نفسكِ هل كانت هذه المواقف حقا ذات شأن جلل أم تراها كانت بسيطة لا ضرر حقيقي منها؟ ثالثا الحب والزواج الحب الرومانسي المتداول في الأفلام قبل الزواج يحدث كثيراً، لكنه ليس شرطاً أبداً لزواج ناجح. إن كان بحثك عن الزواج فلا تشترطي هذا الشكل المتداول من الحب لأن الزواج أعمق بكثير من 90 دقيقة في فيلم هو بالمناسبة من وحي خيال شخص ما. أما إن كان بحثك عن الحب والاهتمام، ولم تجديه في أخوتك فبدائله ومكملاته كثيرة: في الأب والأم والأقارب والأصدقاء. ومجددا، تجنبي التعميم في غير محله. رابعا الزواج التقليدي لعجبي ما أنجحه! السينما والتلفزيون رَوجا فكرة أن " الحب ينتهي بالزواج " والتي بعد آلاف التجارب ثبت أنها أقرب إلى أن تؤخذ بمعنى " يختفي الحب بمجرد الزواج " بدلا عن " يؤدي الحب إلى الزواج ". الزواج المبني على قصة حب فقط عادة ما يفشل ولا يدوم؛ لأنه مبني على مشاعر مؤقتة مهما كانت عاصفة وحارة ملتهبة في البداية. هذه المشاعر الملتهبة في بدايتها مصيرها أن تهدأ، أو تنطفئ تماماً، أو تتغير، أو حتى تنقلب للنقيض. هنا يأتي دور الزواج التقليدي في فحص ودراسة الأسس اللازمة للزواج الصحيح، والذي يؤدي حتما للحب الحقيقي الدائم المستمر. المقارنة بينهما كعود ثقاب وقطعة فحم. الأول يشتعل بقوة وسرعة ثم ينطفئ تاركا وراءه لا شيء سوى بقايا ملتوية قد لا تتماسك، وتنهار وتتفتت مع أقل ضغطة عليها. أما قطعة الفحم تبدأ باردة ثم تشتعل ببطء ومن أركانها وأطراف ها رويدا رويدا حتى يتقد قلبها وتمنحك الدفء لفترات طويلة تدوم ربما لآخر العمر. خامسا الثقة كما قالت ذكية، الثقة تبنى وتكتسب مع الوقت، وهذا من دواعي فترة الخطوبة. في هذه الفترة يمكنك اكتساب ثقته ومعرفة طباعه عاداته وشخصيته، وهي فرصة له ليكتسب ثقتك فيه. سادسا التغيير التغيير سنة الحياة، حتما ستتغير العادات والطباع والمفاهيم مع الأيام والتجارب والخبرات، بل ومع الزواج نفسه ووجود من يشاركك الحياة في بيت واحد ثم أطفال يشاركونكما هذه الحياة. لن يتغير هو وحده، بل أنت أيضا. ما يمكننا فعله هو أن نقدم الأسباب التي تجعل التغيير في الاتجاه إلى الأفضل. ختاما ، حاولي تحقيق خيالك وتحويله إلى واقع بدلا من الركون إليه بين ثنايا عقلك وحده. راعي أن الخيال دائما مثالي ولن تجدي عريسا مثاليا في أرض الواقع. ابحثي عن العوامل والجوانب الأساسية في العريس ومدى مقاربتها لما تتخيلين. الخيال المثالي سيصور لكِ أنه لن ينسى تواريخ خطبتكما وعيد ميلادك وذكرى زواجكما وأول فسحة وماهية أول هدية أهديتيه. الخيال سيجعلك تظنين أنه قادر على قراءة أفكارك وتلبية احتياجاتك قبل أن تنطقي بها أو تطلبيها، وإستشعار كل خلجة من خلجات قلبك ومراعاتها. خيالنا يركز على البدايات والنهايات، ولو دققتي فيما تتخيلين لوجدته منحصرا في بداية الخطبة والزواج كأول نزهاتكما سوية، وفي نهايات العمر وأنتما في حفل زفاف أحد أطفالكما بينما تتأبطين ذراع زوجك. أما الواقع فيشمل هذين وكل ما بينهما من الجيد والرديء، والسعيد والحزين من الأيام والأحداث.
لعرض الإجابة في فدني اضغط هنا