قبل عشرين عاماً كنت قادرة على إحصاء أخطاء أهلي، يمكنني ببراعة أن أحلل شخصياتهم والخلل في مسارات حياتهم.. كانت هناك أشياء واضحة جداً وبديهية لا أفهم كيف تجاهلوها! ومرت أيامي.. وبدأت رحلتي، وعرفت بين السراء والضراء أن عقلي الذي كنت أعتد به كثيراً لن يكون بالضرورة قائد حياتي، وأن الحياة ستفاجئني بما يفوق فهمي واحتمالي أحياناً، وأنني سأتخبط، وسأقع في تلك الأخطاء القاتلة.. "الغلطة بفورة"! مرت الأيام حتى واجهتني ابنتي الكبرى يوماً بما واجهت به أمي من قبل، بسؤال وجودي، سؤال من نوعية "لماذا أنجبتي؟" .. لماذا قبلتي؟ .. لماذا فعلتي؟... نظرت إليها طويلاً وردت عليها بالرد الذي سأوجهه لك أنت أيضاً يا ابنتي الجميلة.. قلت لها: "يارب تكون رحلتك وطريقك أجمل وأسهل وأعقل من طريقي" أتعرفين.. هناك شيء غريب، لقد تفاديت أخطاء أمي، ولكنني وقعت في أخطاء أخرى! حرصت على أن تكون قصتي مختلفة، وبالفعل كانت مختلفة ولكنها لم تسلم من الكوارث! أنا لا أبرر يا عزيزتي التصورات البالية، ومشكلة إهمال الأهل، ولا أنكر أو أقلل من معاناتك، ولكنني أحاول أن أقنعك ببعض التعاطف معهم، والأهم.. قللي التفكير فيهم قدر المستطاع، فهذه أخطاؤهم ورحلتهم، نعم تؤثر عليك، ولكن.. انطلاقا من جملتك الأخيرة "عاوزه اعتمد علي نفسي مكررش غلطات الاسره دى مخلفش عيال كتير وانا ممعييش فلوس اعقل وانضج شويه مبقاش زيهم كده معقده نفسياً" نعم.. افعلي ذلك، لا تدعي أيامك تمضي في النقمة واللوم والحنق، ولا تفكري في ترك البيت أبداً، البيت من أعظم نعم الله علينا يا صغيرتي، اصبري وعافري.. وانظري إلى من هو أقل منك في الدنيا ظروفاً، ومن هو أعلى همةً ومعافرة.. هذه وصفة النجاح والسعادة.. لا تقارني أهلك بالأغنى والألطف والأذكى والأعقل، البيوت مغلقة على ما الله به عليم. المهم أن تتجهزي لرحلتك أنت يا حبيبتي.. وتستغلي ما وهبه الله لك من ذكاء وشباب وطاقة. أنتظر عودتك لهذا السؤال لتخبريني بنتائج معافرتك وتركيزك على نفسك لا على الغير.
تم النشر الثلاثاء، ٢٦ ديسمبر ٢٠٢٣
1 تعليق
شكراااااا بجد ربنا يجبر بخاطرك وميرسى جدا بجد 😍❤️❤️❤️❤️
تم النشر الثلاثاء، ٢٦ ديسمبر ٢٠٢٣
لعرض الإجابة في فدني اضغط هنا
عندك مشكلة؟ محتاج استشارة؟ فدني مجتمع يساعدك في حل مشاكلك ويجيب عن أسئلتك