شكرًا جزيلًا على طرح هذه المسألة. بشأن الأخذ من العلماء والشيوخ فكلٌ يؤخذ منه ويُرد إلا المعصوم عليه الصلاة والسلام. عندما تقابلك أي شبهة أو مشكلة استمع لعلماء الدين وارجع لآراء الفقهاء وإجماع الأمة (لا أنصح أبدًا بالاستماع لآراء المشككين أو الملحدين لأنهم لهم طرقهم النفسية في التلاعب وتزوير الأدلة والتدليس لإدخال الشبهات في القلوب) ادرس آراء العلماء وكون رأيك واسأل الله أن يهديك للحق في أي مسألة تبحث عنها. ** بالنسبة للآية فهي تتحدث عن العلماء الذين يخشون الله وهؤلاء يمكن أن ينطبق عليهم أن يكونوا علماء بالشريعة والدين أو بعلوم الدنيا. لأن المقصود كله أن يكون العلم دافعًا للتعرف على الله وخشيته. لا أعرف إن كانت تدليله بالعالم الهندي هنا في أن يقصد أن علمه لم ينفعه لأنه لم يقده إلى معرفة الله بحق ولم يقده لتحقيق الخشية التي ذُكِرت في الآية فهو محق لكن لا علاقة لهذا بكون العلم ليس علمًا دينيًا. سياق الآية نفسها، لو رجعنا للآيات التي قبلها ستجد أنها تحدثت عن إرسال الأنبياء بالبينات والزبر والكتاب ثم تحدثت عن آيات الله الدالة عليه في الكون والذي يوصف بكتاب الله المنظور ثم تابعت الآيات التأكيد على تلاوة كتاب الله وإقامة فرائضه من صلاة وزكاة. فأرى فيها جمعًا بين العلمين والسبيل الوحيد الذي يجب أن نخرج به منهما وهو خشية الله وإقامة فرائضه لنكون من الذين يوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله. ** (وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (25) ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا ۖ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (26) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا ۚ وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَٰلِكَ ۗ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28) إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ ۚ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (30) ** الإسلام عامة مع تركيزه على بناء العلم الشرعي أولًا ليضبط به البوصلة فهو كذلك يشجع العلوم الدنيوية... فقط يؤكد على أن تكون هذه العلوم منضبطة وفقًا للمنهجية الإلهية. أنت تقول أننا كنا سنسبق الغرب لو اهتممنا بهذه العلوم، الحقيقة أننا لقرون كنا كذلك في الفترة الذهبية للأمة لكن ليس لاعتمادنا على العلوم الدنيوية فقط بل لأننا لم نهمل الجانبين. لم يسبق العالم المسلمين لأنهم اقتصروا على العلم الشرعي وتركوا العلوم الدنيوية بل لأنهم حين اقتصروا عليه فعلوا ذلك بطريقة خاطئة وهمشوا كثيرًا من الجوانب التي يفرضها أصلا العلم الديني مثل الاهتمام بالعلوم الدنيوية وتعليم المرأة فبعد أن كان يمكن أن ترى كبار علماء المسلمين يتعلمون على يد شيخات وعالمات صار تعليم المرأة حرامًا وظهرت قيود عادات وتقاليد ليس لها علاقة بالشرع. وهذا أيضًا كان من أسباب السقوط. *** العلم الدنيوي الذي يؤكد عليه الإسلام هو العلم الذي يقود إلى التعرف على الخالق وخشيته والالتزام بفروضه ونواهيه والتي تؤدي بالتبعية إلى تغليب المصلحة وإبعاد الضرر عن البشر. فمثلًا، الغرب فصل بين العلم والدين... لذا لم تكن هناك مشكلة في عمل قنابل نووية تقتل الملايين بضغطة زر ولا مشكلة في تجارب علمية تُستغل في الحروب الكيميائية والبيولوجية، ولا مشكلة لديهم في استغلال الطب في التحويل الجنسي وعمليات التجميل (تغيير خلق الله) ولا مشكلة في استغلال بقية العلوم في إضرار البشر والأرض لتحقيق مكاسب خاصة بهم. هذا العلم لا قيمة له عند الله. والعلم الذي لا يقود صاحبه إلى معرفة الله وخشيته لا فائدة لصاحبه منه لكن يمكن أن تنتفع منه البشرية. ولا شك أبدًا أن الإسلام شجع على العلوم الدنيوية لكن كما قلت كانت الأولوية ضبط العلم الشرعي أولًا لأنه القادر على ضبط بوصلة العلوم الأخرى وكيفية استخدامها في النفع لا في الضرر. تحياتي.
تم النشر السبت، ٢ نوفمبر ٢٠٢٤
2 تعليق
بارك الله فيكِ اختي مي 🌹
تم النشر الأحد، ٣ نوفمبر ٢٠٢٤
أتفق معك فأنا لا أخذ إطلاقا من مشككين.... والحمد لله فهمت المقصد وشرحك المسألة كان موفقًا فنحن لا نتعلم علوم دنيا كي نضر ونفسد في الأرض بل للوصول والعلم بالله.... فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا نهتدي لولا الله.... وبارك الله فيك
تم النشر الأحد، ٣ نوفمبر ٢٠٢٤
لعرض الإجابة في فدني اضغط هنا
عندك مشكلة؟ محتاج استشارة؟ فدني مجتمع يساعدك في حل مشاكلك ويجيب عن أسئلتك