سأشارك معك 3 خطوات عملية آمل أن يكون لها تأثيرا إيجابيا معك كما كان الأمر معي، ولكن بدايةً كنت أمر بوضع مشابه لما تمر به. قبل عدة سنوات كنت أعاني من الصراخ على أطفالي، لا أرجوك لا تفهمني خطاً.. أنا لا أحب الصراخ عليهم، بل على العكس كنت ألوم نفسي دوماً بعد أن يناموا.. أنا مقتنعة تماماً بأن الصراخ على الأطفال مؤذي، مؤذي لي ولهم ولعلاقتنا الآن ولاحقاً. ولكن ماذا أفعل؟ أستيقظ كل يوم صباحاً متفائلة للحياة، عاقدة العزم على أن أكون أماً لطيفة متفهمة صبووورة، ثم.. أتحول على مدار اليوم ليصل بي الحال إلى ما يشبه أمنا الغولة. وهكذا.. أظل أدور في عجلة الهامستر، شعور بالذنب قبل أن أنام، أستيقظ بعدد من النوايا الجسنة، وأبدأ يومي بنبرة هادئة وابتسامة، ثم أتعب وتتوالى الاستفزازات المختلفة بحسب الأعمار والشخصيات، فيبدأ صوتي بالارتفاع ويصل بي الحال إلى حافة الانهيار. أيقنت أن مشاعر الذنب غير مجدية، لا بد من معرفة الحلقة الضعيفة في يومي، لا بد من التدقيق في نمط العصبية، متى ولماذا يبدأ التحول؟ أحضرت دفتري الشخصي وجلست وحيدة لبعض الوقت، وبدأت أكتب كل الأسباب، من بينها كانت أسباباً شخصية، مثل الإرهاق وكثرة المهام، ولكن كانت هناك أسباب متعلقة بسلوكياتهم.. مثلما ذكرت من عصبية ابنتك على إخوتها. وهنا كانت بداية الخطوة الأولى في التغيير، أن أعالج أسباب الغضب قبل أن اضطر إلى مواجهة حريق الغضب نفسه. قبل أن يبدأ الإرهاق الشديد في السيطرة علي قمت بإنشاء حالة لانتشال نفسي في هذه اللحظة، بأخذ هدنة "وقت مستقطع" أذهب لمكان خاص بي ممنوع مقاطعتي، وأتناول مشروبي المفضل وأضع سماعات الرأس وأنعزل عن محيطي لمدة 20 دقيقة، وفي وقت لاحق كانت القيلولة متاحة وكان لها أثر إيجابي كبير. السلوكيات المستفزة: وضعت خطوات لتجنبها وعواقب واضحة بالاتفاق مع الأطفال، وهذا ينفع أكثر مع الأكبر سناً، على سبيل المثال أقترح على حضرتك أن تتكلم مع ابنتك بشكل هاديء وواعي في وقت هدوء، أن سلوكك مع إخوتك يستفزني، وأنا لا أريد أن أعنفك مجدداً، كيف ترين أن نتجنب أسباب غضبك عليهم؟ ثم إذا غضبتٍ ما هو العقاب أو "تحمل العواقب" المناسب في نظرك؟ نعم.. أشركها في الحل، وأشركها في اختيار العاقبة للفعل، وهذا نموذج للانتقال في حالتك من التربية المتسلطة إلى التربية الحازمة. قسم بعض الخبراء الانماط التربوية إلى أربعة: 1- النمط المتسلط: وفيه يتحكم الأب/ الأم في سلوكيات أطفالهم بشكل قاهر وقد يستخدمون العنف بأنواعه. وهذا ينعكس على شخصياتهم سلباً ويضر بشدة بعلاقاتهم بالأبوين، وبالآخرين. 2- النمط الحازم: وهو شكل الصداقة الواعية الحازمة المطلوبة بين الآباء ولاأبناء، فالصداقة هنا لها طابع مخصوص، وليست صداقة نديًة. ومن التربية الحازمة الواعية احترام الأطفال والمراهقين، وعدم التعدي عليهم أو السيطرة، مع وضع عواقب للأفعال وقوانين للبيت، يشترك الابناء في النقاش حولها، وفي التعبير عن رأيهم وحق الاعتراض والتعديل. يحقق هذا النمط المتوازن الغاية من التربية ببناء علاقة صحية بين الآباء والأبناء، وتنمية شخصيات الصغار دون قهر ولا انفلات. 3- أما النمط الثالث فهو النمط المتساهل: ولعلك تراه كثيراً هذه الأيام، وفيه يتحكم الأطفال في الأهل. 4- وفي نهاية القائمة النمط الرابع وهو المتجاهل، الغائب اللامبالي. وبناءً عليه، فإن الخطوة الأولى للحل ، لتجنب أسباب العنف وإنشاء الصداقة المرجوّة هي الحوار مع الابنة باحترام، والاتفاق معها على بعض الحلول لتجنب غضبها وعصبيتها، وقد يتطلب هذا موانع وسلوكيات يلتزم بها إخوتها الأصغر، وكذلك الاتفاق على العاقبة إذا عنفتهم. الخطوة الثانية: هي أن تتوقف عن العنف، فكما تعلم إن فعل رجل في ألف رجل، خير من قول ألف رجل لرجل. نحن القدوة لأبنائنا، وهم يعكسون ما نفعله معهم ونقوله لهم بشكل مذهل. ومادام التعنيف والعصبية سلوك متكرر من الأب/ الأم فسيكون كذلك من الأبناء، سواء مع إخوتهم الأصغر أو زملائهم أو مع الحيوانات... تحتاج هذه الخطوة إلى شجاعة، شجاعة في مواجهة الذات والمصارح معها، وشجاعة في تفنيد القناعات، وغالباً في هذه الحالة يتعلل الناس بأمور مثل: "لقد تربينا هكذا وأصبحنا زي الفل!" والحقيقة أن ما وجدنا عليه آباءنا لا يصلح بوصلة تربوية، كما أنه ليس ضرورياً أن نكون "زي الفل" لمجرد أننا كبرنا، ربما لسنا بخير ولسنا أسوياء كما نظن. على اية حال.. المهم أن نعود إلى ما نعلم يقينا بأنه الحق، قوله صلى الله عليه وسلم: "ما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه". وأن "لأيس الشديد بالصرعة، ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب" وفي صحيح مسلم عن عائشرضى الله عنها- قالت: ما ضرب رسول الله ﷺ شيئاً قطُّ بيده، ولا امرأةً، ولا خادماً، إلا أن يجاهد في سبيل الله". صدقني أخي الكريم، ستهدي إلى ابنتك معروفاً كبيراً إذا قررت أن تتوقف عن العنف مع صغارك، وأن تتبنى تربية حازمة واعية لا عنف فيها ولا تهديد بالعنف، وإنما رحمة وحزم. الخطوة الثالثة: بناء الصداقة وهي الخطوة الاكثر إمتاعاً، لك قبل أن تكون لهم. أبناؤك يبتعدون عنك لأنهم لم يجدوا مجالا آمنا للقرب، وهنا ستقوم أنت بإعداد فرص التقارب الجميل. مع الأسف، يضيع الكثير من الآبااء والأمهات أجمل ما في الأبوة والأمومة بالخوف والصرامة والانشغال، وأحياناً بالرضا بعدم المعرفة، أسمع البعض يقولون: "أنا لا أعرف كيف أقترب منهم أو كيف أصاحبهم". يساعدك على بناء الصداقة معهم أن تخصص وقتاً لكل منهم، هذا الوقت الخاص المميز له أثر هائل ورائع، خصص ساعة أسبوعيا لكل منهم.. تمشيا سويا، اجلسا معا، العبا.. أنتما فقط. ويساعدك على بناء الصداقة الانخراط معهم في بعض الأنشطة، كالقراءة لهم قبل النوم، أو التخييم واللعب في الهواء الطلق معاً دون ضغوط أو مسؤوليات، أو اللعب داخل البيت أيضاً، أو مشاهدة مادة مناسبة للعائلة... ببساطة لا تحتاج إلى تحقيق هذا سوى أن تدع الطفل بداخلك للظهور والاستمتاع. ولكن دعني أحذرك من احتمالات التنغيص حتى في ظل هذه الأجواء، احتمالات التذمر والاستفزاز التي قد تعكس هذا التقارب وتستثير غضبك، لذا.. خذ قرارك بالهدوء وكظم الغيظ، وتجنب أسباب الغضب قدر المستطاع.. ودرب نفسك على البال الطويل، والصبر بالتصبر، والحِلم بالتحلم. أرجو أن تشاركنا قريبا كيف أنشأت ذكريات جديدة مرحة ومتعاطفة في وجدان أبنائك. أدعوك أيضاً للاستماع إلى هذه الحلقة من بودكاست على بلاطة والتي استضفت فيها الخبيرة التربوية أ. سالي محمد. خناقة مع ابنتي المراهقة
تم النشر الاثنين، ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٣
0 تعليق
لعرض الإجابة في فدني اضغط هنا
عندك مشكلة؟ محتاج استشارة؟ فدني مجتمع يساعدك في حل مشاكلك ويجيب عن أسئلتك